تقديم :-
الْحَمْدُ لِلَّهِ نَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ , وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ , وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ , وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ:
((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ )) .
((يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)) .
((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)) , أما بعد :-
عناصر البحث :-
- نص البشارة من سفر التثنية
- نموذج للتفسير المسيحي لهذه البشارة العظيمة
- أسباب عدم طرح البشارة علي النبي محمد ( صلي الله عليه وسلم ) في رأي المسيحيين
- بعض ردود المسلمين
- من التشابه بين محمد صلي الله عليه وسلم وموسي عليه السلام
- حول تفاصيل البشارة
- أراد اليهود اختبار نبؤة سفر التثنية على النبي محمد صلي الله عليه وسلم أكثر من عشر مرات
- يتحدث عن الغيوب ويصدق كلامه
- أمثلة لإخبار النبي محمد صلي الله عليه وسلم ببعض الغيوب
- أهم النتائج
- أهم المراجع
1 - نص البشارة من سفر التثنية
البشارة من نسخ الأناجيل المختلفة:-
نسخة فانديك المعتمدة ط 1977 نسخة كتاب الحياة ط 1988
أقيمُ لهُمْ نَبِيَّا مِن وَسَطِ إخْوَتِهِمْ مِثلَكَ . وأجعلُ كلامى فى فمه فيُكلِّمِهُم بكل ما أوصيه . ويكون أن الإنسان الذى لا يسمعُ لكلامى الذى يتكلَّمُ به باسمى أنا أطالبهُ
لهذا أقيم لهُمْ نَبِيَّا مِن بين إخوَتِهِم مِثلَكَ وأضع كلامِى فى فمه ، فيخاطبهم بكل ما آمُرُهُ به . فيكونُ أنَّ كل من يعْصِى كلامِى الذى يَتَكلَّمُ به باسمى ، فأنا أحَاسِبَهُ .
نسخة الكاثوليك ط 1993 نسخة الآباء اليسوعين ط 1991
سأقيمُ لهُمْ نبِيَّا مِن بين إخوَتِهِم مِثلَكَ وألقِى كلامى فى فمه . وكل مَن لا يسمعُ كلامى الذى يَتَكلَّمُ به باسمى أحاسِبُهُ عليهِ .
سأقيم لهم نبِيَّا مِن وَسْطِ إخوَتِهِم مِثلكَ ، وأجعلُ كلامى فى فمه ، فيخاطبهم بكل ما آمُرُه به . وأى رَجُلٍ لم يَسْمَعْ كلامى الذى يَتَكلَّمُ به باسمى ، فإنِّى أحاسِبُه عَليه .
2 - نموذج للتفسير المسيحي لهذه البشارة العظيمة :-
قال القس انطونيوس فكري ما نصه :-
(( هذه الأيات هى أوضح ما قيل فى نبوات موسى عن المسيح وراجع (أع22:3 + أع37:7 + يو14:6+ 1بط10:1 + يو46،45:5 + يو41،40:7). ولاحظ مواصفات هذا النبى وأنها تنطبق على المسيح يقيم لك الرب = أى الله يدعوه ويختاره (عب4:5-6) والمسيح دائماً كان يردد أبى أرسلنى (يو38:6-40) من وسطك = فهو سيأتى من إسرائيل ومن إخوتك (رو29:8 + عب11:2).
مثلى = أى مثل موسى أى إنسان مثله وهناك أوجه شبه عديدة بين المسيح وموسى فموسى رمز للمسيح:-
1- كلاهما من شعب إسرائيل من وسطهم ومن إخوتهم.
2- نجا كل منهما من مؤامرة أحد الملوك فى طفولته وفى كل مؤامرة إستشهد أطفال كثيرين
3- موسى ترك القصر ليفتقد شعبه والمسيح أخلى ذاته ليفتقد شعبه وكلاهما فضل أن يتألم مع شعبه
4- الشعب اليهودى رفض موسى قاضياً ورفضوا المسيح ملكاً وكثيراً ما تذمروا على المسيح وعلى موسى
5- أعمال كليهما صاحبها معجزات كثيرة
6- كلاهما أنقذ شعبه من العبودية
7- كلم الله شعبه عن طريق عبده موسى والمسيح هو كلمة الله
8- كلاهما وسيط بين الله والناس
9- موسى كان راعياً للخراف والمسيح كان الراعى الصالح
10- كلاهما صام 40 يوماً
11- الله أعطى الشريعة لموسى على جبل والمسيح بدأ حياته العملية على جبل التطويبات
12- موسى وجهه لمع بعد ما تجلى له مجد الرب والمسيح تجلى مجده أمام تلاميذه
13- المسيح إختار 12 تلميذاً و 70 رسولاً وموسى عين 12 رئيساً للأسباط و 70 شيخاً لمعاونته
14- موسى رحب بألداد وميداد حين تنبآ والمسيح لم يمنع من يخرج الشياطين (لو50،49:9)
15- كلاهما بارك الشعب فى نهاية خدمته
16- شفاعة موسى عن شعبه وكونه يفضل أن يموت عوض شعبه يشبه محبة المسيح فى فدائه
17- مات كلاهما على جبل
18- كان موسى نبياً وكذلك المسيح (تث15:18+ 10:34 + مر 15:6)
19- موسى كان ملكاً فى يشورون (تث5:33) والمسيح أخذ كرسى داود أبيه( لو33،32:1)
20- موسى أخذ وظيفة كاهن (مز6:99) والمسيح كان رئيس كهنة
21- كلاهما كان وسيط عهد والعهدين كانا مختومين بالدم
22- موسى أسس كنيسة العهد القديم والمسيح أسس الكنيسة فى العهد الجديد
23- موسى كان قاضياً لشعبه والمسيح هو الديان.
24- لم يوجد فى تاريخ البشرية من قدم الشريعة الإلهية سوى موسى والسيد المسيح.
هذا من ناحية الرمز لكن يجب ألا ننسى أن موسى نبى أرسله الله أما المسيح فإبن الله.
وموسى كان له ضعفاته أما المسيح فلم يكن له خطية. وشفاعة المسيح دائمة أبداً وهى شفاعة كفارية أما شفاعة موسى فهى شفاعة توسلية.)) اه
3 - أسباب عدم طرح البشارة علي النبي محمد ( صلي الله عليه وسلم ) في رأي المسيحيين:-
قال القس عبد المسيح بسيط ما نصه ( أمّا الخلاف بين موسى ونبي المسلمين هو خلاف جوهريّ يقطع بعدم التماثل بينهما، سواء من جهة الشخصيتن أو من جهه التماثل النبويّ المقصود أصلاً في النبوّة:
1- فموسى جاء من شعب الله المختار ونبي المسلمين جاء من العرب.
2- موسى ولد في مصر وهو في مكّة.
3- موسى حفظه الله من خطر الموت الذي أحدق به وقت ميلاده وهو لا.
4- موسى كلّم الله وجهًا لوجه وفمًا لفم وتناقش مع الله وسمع صوت الله ورأى شبه مجده، وهو لا.
5- أجرى الله على يدي موسى عشرات المعجزات التي شاهدها عشرات الآلاف من بني إسرائيل والمصريّين وهو لا.
6- موسى عبر ببني إسرائيل البحر الأحمر ولم يغرق منهم أحد، كما أطعمهم الله عن طريقة بالمن والسلوى الذي نزل من السماء وهو لا.
7- تربّى موسى في قصر فرعون كأمير وتعلم بكل حكمة المصريين وهو، حسب الاعتقاد الإسلامي العام، أمّي لا يقرأ ولا يكتب.
8- مات موسى ميتة طبيعية وحرس الملاك قبره وهو لا ( إذ يُقال، كما بيّنا، أنَّه مات من تأثير السمّ الذي دسّته له المرأة اليهوديّة ).
9- موسى توفى وعمر 110سنة وهو توفى وعمر 63سنة.
4 - بعض ردود المسلمين :-
ومن المعهود في التوراة إطلاق لفظ " الأخ " على ابن العم، ومن ذلك قول موسى لبني إسرائيل: " أنتم مارون بتخم إخوتكم بنو عيسو " وبنو عيسو بن إسحاق – كما سلف - هم أبناء عمومة لبني إسرائيل، وجاء نحوه في وصف أدوم، وهو من ذرية عيسو "وأرسل موسى رسلاً من قادش إلى ملك أدوم، هكذا يقول أخوك إسرائيل: قد عرفت كل المشقة التي أصابتنا ، فسماه أخاً، وأراد أنه من أبناء عمومة إسرائيل.
5 - من التشابه بين محمد صلي الله عليه وسلم وموسي عليه السلام
- وُلِد موسى عليه السلام من أب وأُم، كذلك وُلِدَ مُحمَّد صلي الله عليه وسلم ، ولكن عيسى عليه السلام ولد من أنثى فقط، ولم يكن له أب.
- وُلِدَ موسى عليه السلام بالطريق الطبيعي زواج رجل بامرأة ، ولكن عيسى عليه السلام ولِد بمعجزة.
- لقد تزوج موسى عليه السلام وكذلك محمد صلي الله عليه وسلم ، وأنجبا ذرية، أما عيسى عليه السلام فبقي دون زواج طيلة حياته، وبالتالي فإن "عيسى" ليس كموسى عليهما السلام ، ولكن محمد صلي الله عليه وسلم مثله.
- صدَّق الشعب العربي محمَّدًا صلي الله عليه وسلم كما صدق الشعب اليهودي موسى عليه السلام ، وقد تقبَّلاهما كرسولين خلال حياتهما، وأما عيسى الذي جاء إلى اليهود، لم تقبله اليهود حتى بعد قرابة ألفي سنة، وعلى ذلك نقول: إن عيسى ليس مثل موسى عليهما السلام ، بل موسى مثل محمد صلي الله عليه وسلم.
- كان كل من موسى ومحمد صلي الله عليه وسلم رسولًا وحاكمًا مدنيًّا، لكن عيسى لم يحكم , ولم يملك حق تنفيذ الشريعة كصاحبيه، وبالتالي نقول: إن عيسى لم يكن مثل موسى عليهما السلام ، بل كان محمد مثله.
- جاء كل من موسى عليه السلام ومحمد صلي الله عليه وسلم بشريعة جديدة، أما المسيح عليه السلام فنجده يكرر مرارًا للشعب اليهودي بأنه لم يأت بدين جديد، وما جاء لينقض شريعة موسى عليه السلام ، بل ليصلح فقط، وعلى ذلك يكون عيسى غير موسى عليهما السلام وليس شبيهًا له، في حين أن محمدًًا صلي الله عليه وسلم شبيه بموسى ومثله.
- مات كلٌ من موسى عليه السلام ومحمد صلي الله عليه وسلم بطريقة طبيعية، لكن عيسى عليه السلام وفق ما يدَّعيه المسيحيون قُتِل على الصليب، ووفق القرآن رُفع إلى السماء، وعلى ذلك يكون محمد صلي الله عليه وسلم مثل موسى، وليس "عيسى" مثل موسى عليهما السلام .
- دُفِنَ جثمان كل من موسى عليه السلام ومحمد صلي الله عليه وسلم في الأرض، ولكن عيسى ك عليه السلام ان مثواه السماء، وبالتالي يكون محمد مثل موسى، أما عيسى فلا. ومعنى: "أجعل كلامي في فمه فيكلِّمهم بكل ما أوصيه به" التي وردت في النص السابق: أي أن هذا النبي سيكون أُميًّا، لا يقرأ ولا يكتب، وأما المقصود بـ"من وسط إخوتهم ... أو من أبناء عمومتهم" أي: من نسل "إسماعيل" وليس من نسل بني إسرائيل؛ لأنه ولو كان هذا النبي الموعود من نسل إسرائيل، لقال: منكم أو من أنفسكم أو من بيت إسرائيل، أليست هذه هي الحقيقة؟
6 - حول تفاصيل البشارة :-
أولاً : أنه نبي " أقيم لهم نبياً "، والنصارى يدعون للمسيح الإلهية، بل يدعي الأرثوذكس أنه الله نفسه، فكيف يقول لهم: أقيم نبياً، ولا يقول: أقيم نفسي
ثانياً : أنه من غير بني إسرائيل، بل هو من بين إخوتهم أي أبناء عمومتهم "من وسط إخوتهم"، وعمومة بني إسرائيل هم بنو عيسو بن إسحاق، وبنو إسماعيل بن إبراهيم ومن المعهود في التوراة إطلاق لفظ " الأخ " على ابن العم، ومن ذلك قول موسى لبني إسرائيل: " أنتم مارون بتخم إخوتكم بنو عيسو " وبنو عيسو بن إسحاق – كما سلف - هم أبناء عمومة لبني إسرائيل، وجاء نحوه في وصف أدوم، وهو من ذرية عيسو "وأرسل موسى رسلاً من قادش إلى ملك أدوم، هكذا يقول أخوك إسرائيل: قد عرفت كل المشقة التي أصابتنا ,فسماه أخاً، وأراد أنه من أبناء عمومة إسرائيل وعليه فهذا النبي يحتمل أن يكون من العرب تحقيقاً للبركة الموعودة في نسل إسماعيل، وقد يكون من بني عيسو بكر إسحاق لكن أحداً من بني عيسو لم يدع أنه النبي المنتظر
ثالثاً : هذا النبي من خصائصه أنه مثل لموسى الذي لم يقم في بني إسرائيل نبي مثله-ولم يقم بعد نبي في إسرائيل مثل موسى الذي عرفه الرب وجها لوجه- وفي التوراة السامرية ما يمنع صراحة قيام مثل هذا النبي فقد جاء فيها: " ولا يقوم أيضاً نبي في بني إسرائيل كموسى الذي ناجاه الله"
وهذه الخصلة، أي المثلية لموسى متحققة في نبينا صلى الله عليه وسلم، ممتنعة في المسيح، حيث نرى الكثير من أمثلة التشابه بين موسى ومحمد صلى الله عليه وسلم، والتي لا نجدها في المسيح، من ذلك ميلادهما الطبيعي، وزواجهما، وكونهما صاحبا شريعة، وكل منهما بعث بالسيف على عدوه، وكلاهما قاد أمته، وملك عليها، وكلاهما بشر، بينما تزعم النصارى بأن المسيح إله، وهذا ينقض كل مثل لو كان
وقد وصف المسيحُ النبي القادم بمثلية موسى، صارفاً إياه عن نفسه فقال: " لا تظنوا إني أشكوكم إلى الآب، يوجد الذي يشكوكم، و هو موسى الذي عليه رجاؤكم، لأنكم لو كنتم تصدقون موسى لكنتم تصدقونني، لأنه هو كتب عني، فإن كنتم لستم تصدقون كتب ذاك فكيف تصدقون كلامي" ، فسماه موسى المرجو أو المنتظر، لمشابهته له وعن هذا الذي يشكو بني إسرائيل يقول المسيح: أجاب يسوع: أنا ليس بي شيطان، لكني أكرم أبي وأنتم تهينونني، أنا لست أطلب مجدي، يوجد من يطلب ويدين
رابعاً : من صفات هذا النبي أنه أمي لا يقرأ ولا يكتب، والوحي الذي يأتيه وحي شفاهي، يغاير ما جاء الأنبياء قبله من صحف مكتوبة " وأجعل كلامي في فمه "، وقد كان المسيح عليه السلام قارئاً -
عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّهَا قَالَتْ أَوَّلُ مَا بُدِئَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْوَحْيِ الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ فِي النَّوْمِ فَكَانَ لَا يَرَى رُؤْيَا إِلَّا جَاءَتْ مِثْلَ فَلَقِ الصُّبْحِ ثُمَّ حُبِّبَ إِلَيْهِ الْخَلَاءُ وَكَانَ يَخْلُو بِغَارِ حِرَاءٍ فَيَتَحَنَّثُ فِيهِ وَهُوَ التَّعَبُّدُ اللَّيَالِيَ ذَوَاتِ الْعَدَدِ قَبْلَ أَنْ يَنْزِعَ إِلَى أَهْلِهِ وَيَتَزَوَّدُ لِذَلِكَ ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى خَدِيجَةَ فَيَتَزَوَّدُ لِمِثْلِهَا حَتَّى جَاءَهُ الْحَقُّ وَهُوَ فِي غَارِ حِرَاءٍ فَجَاءَهُ الْمَلَكُ فَقَالَ اقْرَأْ قَالَ مَا أَنَا بِقَارِئٍ قَالَ فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الْجَهْدَ ثُمَّ أَرْسَلَنِي فَقَالَ اقْرَأْ قُلْتُ مَا أَنَا بِقَارِئٍ فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي الثَّانِيَةَ حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الْجَهْدَ ثُمَّ أَرْسَلَنِي فَقَالَ اقْرَأْ فَقُلْتُ مَا أَنَا بِقَارِئٍ فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي الثَّالِثَةَ ثُمَّ أَرْسَلَنِي فَقَالَ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ فَرَجَعَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْجُفُ فُؤَادُهُ فَدَخَلَ عَلَى خَدِيجَةَ بِنْتِ خُوَيْلِدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فَقَالَ زَمِّلُونِي زَمِّلُونِي فَزَمَّلُوهُ حَتَّى ذَهَبَ عَنْهُ الرَّوْعُ فَقَالَ لِخَدِيجَةَ وَأَخْبَرَهَا الْخَبَرَ لَقَدْ خَشِيتُ عَلَى نَفْسِي فَقَالَتْ خَدِيجَةُ كَلَّا وَاللَّهِ مَا يُخْزِيكَ اللَّهُ أَبَدًا إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ وَتَحْمِلُ الْكَلَّ وَتَكْسِبُ الْمَعْدُومَ وَتَقْرِي الضَّيْفَ وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ فَانْطَلَقَتْ بِهِ خَدِيجَةُ حَتَّى أَتَتْ بِهِ وَرَقَةَ بْنَ نَوْفَلِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى ابْنَ عَمِّ خَدِيجَةَ وَكَانَ امْرَأً قَدْ تَنَصَّرَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَكَانَ يَكْتُبُ الْكِتَابَ الْعِبْرَانِيَّ فَيَكْتُبُ مِنْ الْإِنْجِيلِ بِالْعِبْرَانِيَّةِ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَكْتُبَ وَكَانَ شَيْخًا كَبِيرًا قَدْ عَمِيَ فَقَالَتْ لَهُ خَدِيجَةُ يَا ابْنَ عَمِّ اسْمَعْ مِنْ ابْنِ أَخِيكَ فَقَالَ لَهُ وَرَقَةُ يَا ابْنَ أَخِي مَاذَا تَرَى فَأَخْبَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَبَرَ مَا رَأَى فَقَالَ لَهُ وَرَقَةُ هَذَا النَّامُوسُ الَّذِي نَزَّلَ اللَّهُ عَلَى مُوسَى يَا لَيْتَنِي فِيهَا جَذَعًا لَيْتَنِي أَكُونُ حَيًّا إِذْ يُخْرِجُكَ قَوْمُكَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوَمُخْرِجِيَّ هُمْ قَالَ نَعَمْ لَمْ يَأْتِ رَجُلٌ قَطُّ بِمِثْلِ مَا جِئْتَ بِهِ إِلَّا عُودِيَ وَإِنْ يُدْرِكْنِي يَوْمُكَ أَنْصُرْكَ نَصْرًا مُؤَزَّرًا ثُمَّ لَمْ يَنْشَبْ وَرَقَةُ أَنْ تُوُفِّيَ وَفَتَرَ الْوَحْيُ )
تنبيه :- المسيح , عليه السلام , كان يقرأ ويكتب ( فَتَعَجَّبَ اَلْيَهُودُ قَائِلِينَ: كَيْفَ هَذَا يَعْرِفُ اَلْكُتُبَ وَهُوَ لَمْ يَتَعَلَّمْ؟ )
خامساً : أنه يتمكن من بلاغ كامل دينه، فهو " يكلمهم بكل ما أوصيه به ". وهو وصف منطبق على محمد صلى الله عليه وسلم، فقد كان من أواخر ما نزل من القرآن عليه صلى الله عليه وسلم قوله تعالىالْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً ) وقد وصفه المسيح في نبوءة البارقليط، التي يأتي شرحها، فقال: " وأما المعزي الروح القدس الذي سيرسله الآب باسمي، فهو يعلّمكم كل شيء ويذكركم بكل ما قلته لكم"
ولا يمكن أن يكون المسيح عليه السلام هو ذلك النبي الذي يبلغ كل ما يوصيه به ربه فقد رفع المسيح عليه السلام ولديه الكثير مما يود أن يبلغه إلى تلاميذه لكنه لم يتمكن من بلاغه لكنه بشرهم بالقادم الذي سيخبرهم بكل الحق لأنه النبي الذي تكمل رسالته ولا يحول دون بلاغها قتله أو إيذاء قومه يقول عليه السلام:"إن لي أموراً كثيرة أيضاً لأقول لكم، ولكن لا تستطيعون أن تحتملوا الآن وأما متى جاء ذاك روح الحق فهو يرشدكم إلى جميع الحق لأنه لا يتكلم من نفسه بل كل ما يسمع يتكلم به"
سادساً : أن الذي لا يسمع لكلام هذا النبي فإن الله يعاقبه، " ويكون أن الإنسان الذي لا يسمع لكلامي الذي يتكلم به باسمي، أنا أطالبه "، وقد فسرها بطرس، فقال: " ويكون أن كل نفس لا تسمع لذلك النبي تباد من الشعب "، فهو نبي واجب السمع والطاعة على كل أحد. ومن لم يسمع له تعرض لعقوبة الله، وهو ما حاق بجميع أعداء النبي صلى الله عليه وسلم، حيث انتقم الله من كل من كذبه من مشركي العرب والعجم، وقد قال المسيح عنه في نبوءة الكرامين -: "ومن سقط على هذا الحجر يترضض، ومن سقط هو عليه يسحقه " ، فهو الحجر الصلب الذي يفني أعداءه العصاة، والذي بشر بمقدمه النبي دانيال "وفي أيام هؤلاء يقيم إله السماوات مملكة لن تنقرض أبداً، ومَلِكها لا يُترك لشعب آخر، وتسحق وتفنى كل هذه الممالك، وهي تثبت إلى الأبد، لأنك رأيت أنه قد قطع حجر من جبل لا بيدين، فسحق الحديد والنحاس والخزف والفضة والذهب"
وأما المسيح عليه السلام فلم يكن له هذه القوة وتلك المنعة، ولم يتوعد حتى قاتليه، فكيف بأولئك الذين لم يسمعوا كلامه، فقد قال لوقا في سياق قصة الصلب " فقال يسوع: يا أبتاه اغفر لهم، لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون" ، فأين هو من خبر ذاك " الإنسان الذي لا يسمع لكلامي الذي يتكلم به باسمي أنا أطالبه
سابعاً : من صفات هذا النبي أنه لا يقتل، بل يعصم الله دمه عن أن يتسلط عليه السفهاء بالقتل، فالنبي الكذاب عاقبته "يموت ذلك النبي"، أي يقتل، فالقتل نوع منه، ولأن كل أحد يموت، وهنا يزعم النصارى بأن المسيح قتل، فلا يمكن أن يكون هو النبي الموعود وبالرجوع إلى التراجم القديمة للنص نرى أن ثمة تحريفاً وقع في الترجمة ، فقد جاء في طبعة 1844م " فليقتل ذلك النبي "، ولا يخفى سبب هذا التحريف
"ويكون إذا تنبأ أحد بعد، أن أباه وأمه والديه يقولان له: لا تعيش لأنك تكلمت بالكذب باسم الرب فيطعنه أبوه وأمه والداه عندما يتنبأ" .. عندما يتنبأ .. احتفظوا بهذه المعلومة "عندما يتنبأ"
"ها أنا ذا على الانبياء يقول الرب الذين ياخذون لسانهم ويقولون قال" .. أي سيهلكهم الله لامحالة.
"وأما النبي الذي يتجبر فينطق باسمي بما لم آمره به أو يتكلم باسم آلهة أخرى فإنه حتما يموت"
- مثال لهلاك نبي كاذب من الأناجيل المعاصرة :-
( هلك حنانيا النبي الكاذب في الشهر السابع "فقال ارميا النبي لحننيا النبي اسمع يا حننيا.ان الرب لم يرسلك وانت قد جعلت هذا الشعب يتكل على الكذب. لذلك هكذا قال الرب. هانذا طاردك عن وجه الارض.هذه السنة تموت لانك تكلمت بعصيان على الرب. فمات حننيا النبي في تلك السنة في الشهر السابع )
أراد اليهود اختبار النبؤة على النبي محمد صلي الله عليه وسلم أكثر من عشر مرات :
- ومن هذه المرات .. "في شهر المحرم من السنة السابعة من الهجرة" .. أرسلت إحدى اليهوديات واسمها زينب بنت الحارث ذراع شاة مشوية إلى النّبي صلى الله عليه وسلم ووضعت فيها السم فلما وضعته بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم أكل لقمة ثمّ لفظها "أي أخرجها" وقال: "إن هذه الشاة تخبرني انها مسمومة" .. وكان معه بِشرُ بن البراء .. فأكل بشر من اللحم فمات متأثراً بالسم.
- ولم يمت النبي محمد صلى الله عليه وسلم بعد هذه الحادثة إلا في ربيع الأول من السنة الحادية عشرة من الهجرة .. فهل هناك سم يقتل بعد ما يقرب من أربعة سنوات .
ثامناً : يتحدث عن الغيوب ويصدق كلامه
أمثلة لإخبار النبي محمد صلي الله عليه وسلم ببعض الغيوب :-
إخبار رسول الله بموت النجاشي
عن أبى هريرة"أنَّ رسول الله نَعَى النَّجَاشِيَّ فِي الْيَوْمِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ، خَرَجَ إِلَى الْمُصَلَّى، فَصَفَّ بِهِمْ وَكَبَّرَ أَرْبَعًا
إخبار رسول الله بفتح بلاد فارس
عن عدي بن حاتم قال: بينا أنا عند النبيإذ أتاه رجلٌ، فشكا إليه الفاقة، ثمَّ أتاه آخر، فشكا قطع السَّبيل، فقال: "يَا عَدِيُّ هَلْ رَأَيْتَ الْحِيرَةَ". قلتُ: لم أرها، وقد أُنبئت عنها. قال: "فَإِنْ طَالَتْ بِكَ حَيَاةٌ لَتَرَيَنَّ الظَّعِينَة تَرْتَحِلُ مِنَ الْحِيرَةِ، حَتَّى تَطُوفَ بِالْكَعْبَةِ، لاَ تَخَافُ أَحَدًا إِلاَّ اللَّهَ". قلتُ فيما بيني وبين نفسي: فأين دُعَّار طيِّئ الَّذين قد سعَّروا البلاد . "وَلَئِنْ طَالَتْ بِكَ حَيَاةٌ لَتُفْتَحَنَّ كُنُوزُ كِسْرَى". قلتُ: كسرى بن هرمز. قال: "كِسْرَى بْنِ هُرْمُزَ، وَلَئِنْ طَالَتْ بِكَ حَيَاةٌ، لَتَرَيَنَّ الرَّجُلَ يُخْرِجُ مِلْءَ كَفِّهِ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ، يَطْلُبُ مَنْ يَقْبَلُهُ مِنْهُ، فَلاَ يَجِدُ أَحَدًا يَقْبَلُهُ مِنْهُ، وَلَيَلْقَيَنَّ اللَّهَ أَحَدُكُمْ يَوْمَ يَلْقَاهُ، وَلَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ تُرْجُمَانٌ يُتَرْجِمُ لَهُ، فَيَقُولَنَّ: أَلَمْ أَبْعَثْ إِلَيْكَ رَسُولاً فَيُبَلِّغَكَ؟ فَيَقُولُ: بَلَى. فَيَقُولُ: أَلَمْ أُعْطِكَ مَالاً، وَأُفْضِلْ عَلَيْكَ؟ فَيَقُولُ: بَلَى. فَيَنْظُرُ عَنْ يَمِينِهِ فَلاَ يَرَى إِلاَّ جَهَنَّمَ، وَيَنْظُرُ عَنْ يَسَارِهِ فَلاَ يَرَى إِلاَّ جَهَنَّمَ". قال عدي: سمعت النبييقول: "اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقَّةِ تَمْرَةٍ، فَمَنْ لَمْ يَجِدْ شِقَّةَ تَمْرَةٍ فَبِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ". قال عدي: فرأيت الظعينة ترتحل من الحيرة حتَّى تطوف بالكعبة، لا تخاف إلاَّ اللَّه، وكنت فيمن افتتح كنوز كسرى بن هرمز، ولئن طالت بكم حياةٌ لترونَّ ما قال النبي أبو القاسم: "يُخْرِجُ مِلْءَ كَفِّهِ" .
بشارة رسول الله بفتح القسطنطينية
عن عبد الله بن بشر الخثعمي عن أبيه أنه سمع النبي صلي الله عليه وسلم يقول : "لَتُفْتَحَنَّ الْقُسْطَنْطِينِيَّةُ فَلَنِعْمَ الأَمِيرُ أَمِيرُهَا، وَلَنِعْمَ الْجَيْشُ ذَلِكَ الْجَيْشُ" .
تعدَّدت المحاولات حتى فتحها محمد الفاتح الخليفة العثماني في عام (857هـ/1453م )
تنبؤ رسول الله بظهور النار في أرض الحجاز
"لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَخْرُجَ نَارٌ مِنْ أَرْضِ الْحِجَازِ، تُضِيءُ أَعْنَاقَ الإِبِلِ بِبُصْرَى .
وقد ظهرت هذه النار في أرض الحجاز سنة (654هـ/1256م) بالحرة قرب المدينة المنورة، وذكرها المؤرخون المعاصرون لها في كتبهم؛ كالقرطبي في كتابه (التذكرة) ، وابن تيمية، وابن كثير، وغيرهم .
أهم النتائج:-
1- التفسير المسيحي يرفض تفسير البشارة بنبوة محمد صلي الله عليه وسلم , بزعم أن النبي الموعود من نسل إسحق و ليس إسماعيل .
2- التفسير المسيحي يذكر أوجه الشبه بين موسي و عيسي عليهما السلام , و يسقط البشارة علي هما, مع تجاهل تفاصيل البشارة, التي تطابقت بدقة مع محمد صلي الله عليه وسلم .
3- يذكر التفسير المسيحي أوجه الشبه بعيسي و موسي عليهما السلام , مع تجاهل أوجه الإختلاف , وشروط البشارة .
4- ومن المعهود في التوراة إطلاق لفظ " الأخ " على ابن العم .
5- من أهم أوجه الشبه بين محمد صلي الله عليه وسلم , و موسي عليه السلام , الشريعة الجديدة .
6- النبي الجديد ليس من بني إسرائيل .
7- النبي المبشر به , يتلقي كتابه شفاهة .
8- النبي المبشر به , يتمكن من النصر علي أعدائه .
9- النبي الموعود , له معجزة الإنباء بالغيب .
10- النبي الموعود لايمت إلابعد إبلاغ رسالته كاملة .
أهم المراجع
القرآن الكريم
صحيح البخاري
صحيح مسلم
- سر إسلام رواد الفكر الحر فى أوربا و علماء الدين المسيحى الاجلاء : مع بشارات بنبوة محمد صلى الله علية و سلم من التوراة و الانجيل / إعداد و جمع محمد عبد العظيم على.
الناشر مصر المنصورة : دار المنارة، 2002.
- مسالك النظر فى نبوة سيد البشر : ( بشارات التوراة بمحمد صلى الله عليه و سلم) / سعيد بن حسن الاسكندرانى - الناشر [القاهرة] : مكتبة الزهراء، [1990]
- محمد رسول الله فى الكتب المقدسة : عند النصارى و اليهود و الهندوس و الصابئة و البوذيين و المجوس / سامى عامرى. الناشر القاهرة : مركز التنوير الاسلامى، 2006.
- 93 من البشارات بخاتم الرسالات من الإنجيل وكتب النبوات : د . وديع أحمد – الشماس المصري السابق .
دار البشائر الأسكندرية ط 2008
تم بحمد الله