منتدى قصبة بني يلمان
تفضل وسجل معنا في احلى منتدى منتدى قصبة بني يلمان
منتدى قصبة بني يلمان
تفضل وسجل معنا في احلى منتدى منتدى قصبة بني يلمان
منتدى قصبة بني يلمان
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى قصبة بني يلمان

تاريخ بني يلمان
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 أحكام السفر 1

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
amar mechri
المدير العام
المدير العام
amar mechri


ذكر عدد الرسائل : 290
العمر : 36
الموقع : بلدية بني يلمان المسيلة
تاريخ التسجيل : 23/10/2008

أحكام السفر 1 Empty
مُساهمةموضوع: أحكام السفر 1   أحكام السفر 1 Empty2011-08-06, 17:56

المختصر في أحكام السفر

فهد بن يحيى العماري
مكة المكرمة

P
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده أما بعد:
فالإنسان بطبعه يحب الترحال والانتقال من مكان إلى مكان ومن حال إلى حال بل أصبح ذلك عند الكثير متعة وراحة وأنساً وعشقاً، فتجده كل شهر في بلد وكل صيف على أرض، طلباً لمرغوب كعبادة أو حج أو علم أو دعوة أو رزق أو سياحة أوصيد أو حاجة أو فراراً من مرهوب كمرض أو قتال أو خوف فتنة من ظلم أو طغيان وحري بالجميع أن يكونوا على علم وبصيرة ودراية بأحكام عبادتهم في ظعنهم وإقامتهم وحلهم وترحالهم.
ومما يفرح القلب ويثلج الصدر ما يشاهد من حرص الكثير على السؤال عما يشكل عبر الدرس واللقاء ووسائل الاتصال بحثاً عن الحلال والحرام والواجب والمندوب ليفعل أو يترك في جميع المجالات من جميع الفئات وهذا كله جاء نتيجة لدور العلماء والدعاة والمربين وأثرهم على الناس بل نرى إحياء السنن قولاً وفعلاً ونشر العلم في شباب الأمة وشيبها ونسائها بعد غياب بعضها أو ضعفها وإقبالهم على دين الله سؤالاً وتعلماً فلك اللهم الحمد والمنة.
ومما لاشك فيه أن في إجابتهم وتعليمهم عون للمفتي وطالب العلم على البحث والجمع والتأليف ومراجعة العلم ومدارسته مع العلماء وتزكيته وتبليغه.
في إجابتهم تجنيب للسائل عن الوقوع في الزلل والخلل وعبادة الله وفق شرع الله.
في إجابتهم كشف لكربة السائلين وتفريج لهمهم وقضاء لحوائجهم ونيل للأجر وبذل للمعروف وكل ذلك صدقة.
ولقد شاهدت من يلقي بنفسه على العالم فيقبّل رأسه ويده بحرارة بعد جوابه له وتفريج همه عنه.
لقد شاهدت من يبكي فرحاً بعد جواب العالم له وكأنما ولد من جديد.
لقد شاهدت من يحتضن زوجته ويقبّلها عند العالم وقد فقد شعوره لأنه أُفتي بعدم وقوع الطلاق.
لقد رأيت من أهدى أحد طلبة العلم سيارة فاخرة لأنه دخل صلحاً في مشكلة له.
لقد رأيت من أصبح باراً وفياً لعالم وداعية لأنه كان سبباً في هدايته واستقامته وطلبه العلم.
لقد رأيت أسراً متهاجرة وقبائل متقاطعة جمع الله شملها بسبب عالم وداعية.
لقد رأينا شروراً دفعت ومنكرات رفعت وخيرات وقعت بسبب العلماء والدعاة بعد الله.
لقد رأينا أصحاب انحراف ومخدرات وضياع وقلق واضطراب كانت هدايتهم بسبب العلماء بعد الله.
لقد رأينا من حكم عليهم بالقتل فكان العلماء سبباً في رفع القتل عنهم بإقناع الورثة بالتنازل عنهم.
لقد رأينا وسمعنا كيف يلهج الناس للعلماء ومن أفتاهم بالدعوات، وعظيم الإجلال، والتقدير لهم.
لقد رأيت ورأيتم الكثير والكثير مما لا يسعه المقام.
وهكذا العلماء والدعاة؛ هم مصابيح الدجى وشمس الهدى، فلهم منا البر والوفاء والثناء والدعاء والتأدب معهم والذب عنهم وعدم الوقوع بهم والفري في أعراضهم واتهامهم بما هم منه براء كبراءة الذئب من دم يوسف  فلا ندع لحاقد وحاسد وعدو وكافر مجالاً للمزهم وهمزهم وإسقاطهم والتشكيك في دعوتهم وعلمهم ولنعلم أن العصمة من الخطأ لله وللأنبياء & والعلماء بشر يعتريهم ما يعتري البشر من الخطأ والزلل فاللهم احفظ العلماء وثبتهم وأيدهم واغفر لميتهم إنك سميع الدعاء.
وعلى السائل والمستفتي ألا يتتبع الرخص فيسأل العلماء مراراً في المسألة الواحدة ليختار ما يحلو له وتهواه نفسه وقديماً قيل من تتبع رخص العلماء فقد تزندق وقد يسأل المستفتي من ظاهره الاستقامة وهو لا يعرفه أو لا يعرف أنه من طلبة العلم فيتساهل في ذلك كله ويظن بهذا أن ذمته قد برئت والله المستعان.
ما أسهل الناس في أمر دينهم وأشدهم في أمر دنياهم!؟
وأن يختار الأوقات المناسبة للاتصال للاستفتاء إلا إذا كان الأمر ضرورة لأنه وللأسف البعض يتصل بعد منتصف الليل أو قريباً منه أو وقت القيلولة لغير ضرورة.
وعلى العالم وطالب العلم ألا يعيقه ذلك البهتان وألا يضجر من السؤال وكثرة السائلين وجفائهم فإن على من منَّ الله عليه بالعلم أن يجعل وقتاً ولو يسيراً في كل أسبوع يفتح هاتفه فيجيب السائلين لينال خيراً كثيراً وأجراً عظيماً بإذن رب العالمين ومع ذا فلابد أن يكون صبوراً رفيقاً حليماً فما كان الرفق في شيء إلا زانه، منبسطاً موجهاً داعياً لا مقتصراً على الجواب منتهزاً الفرصة في ذلك لذا.
أقدم هذا المختصر في أحكام السفر، جمعته من كتب أهل العلم، اقتصرت فيه على ما يحتاجه الناس غالباً في أسفارهم، ضمنته بعض الآداب والفوائد والأشعار والمسائل المعاصرة، جردتـه من التفريع والخلاف إلا في مواضع يسيرة، فيه ما يزيد على مائة وخمسين مسألة وأدب وتوجيه وتنبيه وخطأ وفائدة، والتزمت فيه منهج الاختصار، ذكرت ما ترجح لدى الشيخين العالمين الفقيهين: الشيخ أبي عبد الله عبد العزيز بن باز والشيخ أبي عبدالله محمد بن عثيمين أو أحدهما عليهم سوابغ الرحمة والغفران، ليس تعصبًا لهما أو ادعاء العصمة لهما إنما لما حظي علمهما من قبول في الأرض والصدق مع الله وتحريهما الدليل والقول الصحيح الموافق لسماحة الإسلام ومقاصد الشريعة وإظهاراً لعلمهما واختياراتهما.
مع ترجيحات اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في كثير من المسائل، حاولت جاهداً أن يجد القارئ فيه بغيته وما قد يخطر بباله أو يسنح في خياله، فأرجو الله أن ينفع به من كتبه وقرأه ونظر فيه وأن يؤتي أكله كل حين بإذن ربه، فيكون زادًا للمسافر، مذكِّراً للغافل، معلِّماً للجاهل، هداية للمبتدئ وبلغة للمقتصد، خفيف المحمل، سهل المتناول، مفيداً في الرحلات والأسفار، دافعاً للنقاش والتذاكر بين طلاب العلم في أسفارهم ومجالسهم حتى يحي العلم ويرسخ في الذهن وتُحقق المسائل، فالعلم يحيا بالتذاكر والفكرة والدرس والمناقشة وأشكر معالي الشيخ: صالح الحصين رئيس الحرمين الشريفين والشيخ عبد الرحمن العجلان رئيس محاكم القصيم سابقا والمدرس حالاً بالمسجد الحرام على قراءتهما الكتاب وغيرهما من طلبة العلم والدعاة.
فيا أيها الناظر فيه بعين الرضا: قد كتبته منذ أجل وكلي خوف ووجل، فأحسن بجامعه الظن وإن لم يكن من أهل هذا الفن، فاصفح عما به من زلل وصحح ما طغى به القلم، جعله الله مباركاً ونافعاً على الدوام وخالصاً لوجهه الكريم( ).
البـاع مـني قصـير
إن رمت نظمـاً تأبّى

أو رمت نثراً بديعـاً
غدا على الطبع صعبا

والحـمد لله حمـداً
يفوق في العد تُربـا

ثم الصـلاة على من
دنا مـن الله قربـا

والآل والصحب طراً
ومن لهم قد أحبّـا

ما أنشا الله سحبـاً
وأنبت اللـه حبّـا

آمـين آمـين ربي
إني رضيتـك ربّـا



* * *
ياعاشق الترحال والأسفار
أنخ المطية واستمع أخباري

إن كنت في سفر فكل مسافر
يحتاج زاداً بلغة للدار

والزاد علم قد جمعت أصوله
آي الكتاب وسنة المختار


وجمعت فيه فوائداً وفرائداً
ومسائلاً غابت عن الأنظار

وذكرت في الترجيح قول أئمة
هم في الظلام كواكب ودراري
ودراري
وهما ابن باز والعثيمين وقد
شدّا رحالهما إلى الغفار

سارا إلى الرحمن سيرة عاشق
والعشق يعذب شقوة المشوار

يا ليتني أخطو بدربهم خطى
لأنال رفقتهم بدار قرار

والله أسأل أن يكون كنجمة
وسط السماء هداية للساري

أقدم هذا المختصر في طبعته الثانية بعد نفاد الأولى بزيادة عما سبق والعلم يتجدد بتجدد الأحوال والأزمان، شاكرًا كل من أفاد وأجاد وأضاف وزاد، سائلاً الله أن يكون من خير الزاد في الحياة وبعد الممات ومن الباقيات الصالحات ليوم تعز في الحسنات وأن يعفو عما فيه من الزلات والهفوات.
فأقول والله خير معين:
فسهّل يا إلهي كل صعب

فمن غير الرؤوف لنا يسهل



• السفر موطن يستوجب التأمل والتفكر والاعتبار في ملكوت الله في جو أو بر أو بحر.
• السفر يستوجب التفكر في النفس ومحاسبتها والوقوف معها وحل مشكلاتها وإعدادها.
• السفر يستوجب تذكر السفر للدار الآخرة، فمن دار إلى دار حتى نصل دار القرار، إما نعيم وإما نار، أجارنا الله وإياك من النار وبئس القرار.
• السفر موطن للتفكر في نعمة الأمن في هذه البلاد.
• السفر موطن للتفكير في إعداد المشاريع العلمية والدعوية والدنيوية.
• السفر موطن للنشاط في العبادة والجد والعمل وطرد الملل واعتياد الخشونة والبعد عن الترف.
• السفر موطن للترويح عن النفس وتغيير المزاج ومن ثَمَّ العود للاجتهاد والنشاط.
• السفر ليس موطناً للهو واللعب فقط.
• السفر ليس موطناً للتبرج والسفور.
• السفر عبادة وسياحة، صلة للأرحام وزيارة للإخوان.
• السفر للبلد الحرام رحلة إيمانية ودورة تربوية للنفس والسلوك.
• السفر موطن للتعرف على البلدان وحضاراتها ولهجاتها وأنسابها وأخلاقها وطباعها وعلومها وأعلامها.
• السفر موطن لتربية النفس على الصبر والتجلد والبعد عن كثير من الكماليات.
• السفر موطن لاكتشاف النفوس وتحملها وقدراتها ومعدنها وهذه للآباء والمربين.
• السفر رياضة قلبية ومتعة بدنية، يوصي بها الأطباء لمن ثقلت عليه نفسه وأطبقت عليه الهموم والأحزان وعلاج ناجع لأصحاب الأمراض النفسية.
لا يُصلح النفس إن كانت مولية
إلا التنقـل من حـال إلى حال

كان بشر يقول: سيحوا تطيبوا فإن الماء إذا ساح طاب وإذا طال مقامه في موضع تغير.
تنقل فلذات الهوى في التنقل

ورد كل صاف لا تقف عند منهل

ففي الأرض أحباب وفيها منهـل

فلا تبك من ذكرى حبيب ومنزل

* * *
إذا ما ضـاق صدرك من بلاد
ترحـل طالبـاً أرضاً سواها
عجبت لمـن يقيم بـدار ذل
وأرض الله واسعــة فضاها
فذاك من الرجـال قليل عقل
بليـد ليـس يعلم ما طحاها
فنفسك فر بها إن خفت ضيماً
ضيما وخـل الـدار تنعى من بناها
فإنك واجد أرضــاً بأرض
ونفسـك لم تجد نفساً سواها
ومـن كـانت منيته بـأرض
فليس يمـوت في أرض سِواها
سواها
* عن أبي هريرة  قال: قال رسول الله : (أن رجلاً زار أخاً له في قرية أخرى، فأرصد الله على مدرجته ـ أي طريقه ـ ملكاً فلما أتى عليه قال: أين تريد؟ قال: أريد أخا لي في هذه القرية. قال: هل لك من نعمة تربها عليه. قال: لا. غير أني أحببته في الله قال: فإني رسول الله إليك بأن الله قد أحبك كما أحببته فيه) رواه مسلم.
وعنه قال رسول الله: (من زار مريضاً أو عاد أخاً له في الله ناداه مناد: أن طبت وطاب ممشاك وتبوأت من الجنة منزلا) رواه الترمذي وحسنه الألباني. إنها فضائل لطالما نسيت!!
همم حتى في السفر:
فهذا ابن القيم ~ كتب زاد المعاد في ستة مجلدات كبار في سفره للحج وكتب البخاري التاريخ الكبير في روضة مسجد رسول الله  وطاف الإمام أحمد الدنيا مرتين حتى جمع المسند وهذا ابن منده المحدث خرج من بلده في طلب العلم وهو ابن عشرين فرجع إليها وهو ابن ستين وكتب الحافظ ابن حجر النخبة وهو في سفره، قال الصنعاني ~ في نظم قصب السكر:
وبعد فالنخبة في علم الأثر
مختصر يا حبذا من مختصر

ألّفها الحافظ في حال السفر
وهوالشهاب ابن علي بن حجر

وكانت كثيراً من المؤلفات والمشروعات بدايتها فكرة طرأت في السفر أو موقف أو حدث أو ردة فعل أو سؤال كان في السفر.
كان سفيان كثيراً ما ينشد:
إذا المـرء كـانت لـه فكـرة
ففـي كـل شـيء لـه عـبرة

* حال سماحة الشيخ ابن باز ~ في سفره:
جاء في كتاب جوانب من سيرة الإمام ابن باز للحمد برواية الشيخ محمد الموسى مدير مكتب بيت الشيخ ابن باز وقد لازم الشيخ قرابة ستة عشر عاماً، وهو أفضل كتاب تحدث عن سيرة الإمام يحتاجه العالم والقاضي، الشيخ والداعية ورجل الحسبة، الأب والمربي والطالب، الرئيس والمرؤوس، الأمير والوزير، الذكر والأنثى، الصغير والكبير فهو كتاب ماتع رائع نافع سهل المنهل عذب المورد فما أن يبدأ به الإنسان لا يكاد يفارقه حتى يغلبه صلاة أو نوم، فما أن يقرأه إلا ويجد عبراته تنهمر على خديه ووجنتيه ويدعو للشيخ بالرحمة والغفران ومجازاته خير الجزاء عن الإسلام والمسلمين، ويشعر بالنقص والتقصير ويزداد بذلاً ونشاطًا وجداً واجتهاداً، علماً وعبادة ودعوة وصبراً وتواضعاً، حقاً إنه فقيد الأمة، حقاً إنه بقية السلف، حقًا لم نعرفه حقاً حتى فقدناه..
جاء فيه: إن سماحة الشيخ يلزم الاعتدال في حال سفره وحضره، فلا يظهر عليه القلق أو كثرة الاهتمام، إذا جاء موعد السفر خرج سماحته متأنياً مطمئناً، مهللاً؛ مسبحاً، مستغفراً.
فإذا استقل السيارة أو الطائرة دعا بدعاء السفر، ثم التفت إلى من بجانبه من المرافقين وقال: ماذا معك؟ فيبدأ بقراءة الصحف وبعض الكتب والمعاملات، لأن سماحة الشيخ لا يركب سيارة أو طائرة إلا ومعه كاتب أو كتاب يعرضون عليه ما تيسر من المعاملات أو الكتب أو غيرها.
فإذا كان يريد السفر ـ على الطائرة ـ على سبيل المثال ـ، فإنه فور ركوبه السيارة التي ستوصله إلى المطار يبدأ بسماع ما يعرض عليه حتى يصل إلى المطار، فإذا وصل إلى المطار وبقى موعد إقلاع الطائرة وقت ولو كان يسيراً جلس بجانبه كاتب أو كاتبان ومعهم الكثير من المعاملات يقرآنها على سماحته، فإذا جاء وقت صعود الطائرة وأخذ مكانه في الطائرة استأنف سماع القراءة، وعرض المعاملات حتى يصل إلى البلد الذي يريد السفر إليه سواء كان الرياض أو الطائف، ثم إن سماحة الشيخ يلزم السكينة في سفره؛ فلا يضيق ولا يضجر ولا يكدر على من معه حتى إنه ربما مكث في الطائرة أكثر من ساعة ينتظر بعض من معه ممن قد يتأخرون لعارض أو غيره عن موعد الإقلاع في الطائرة الخاصة التي تقل سماحته، ومع ذلك لا ترى على سماحته أي تكدر أو تغير بل بواصل سماع ما يعرض عليه حتى يصل من تأخر، وإذا وصل لم يبادره الشيخ بعتاب أو نحوه بل لا يسأله عن سبب تأخره البتة.
ثم إذا وصل إلى مطار البلد المسافر إليه نزل بسكينة ونصلي إن كان وقت صلاة، وإذا كان ليس بصحبته أهله فإنه يتصل بهم ويسلم عليهم فور وصوله ويخبرهم بأنه قد وصل بالسلامة.
وفي إحدى الأسفار كنا قادمين من الطائف للرياض فصلى بنا الظهر بالمطار ومن ثم ركبنا السيارة فالتفت وقال ما عندكم؟ فشرعنا نقرأ عليه حتى وصلنا منزله فأخذ مكانه بالمجلس وسلم على من ينتظره من الأبناء والأقارب وطلبة العلم والمحبين، وبعد ذلك مد يده إلى سماعة الهاتف ليتأكد هل هو يستقبل المكالمات؟ فإن كان مغلقاً قال: افتحوه لكي يستقبل أسئلة الناس، وكل هذا قبل الدخول لمنزله وهذا دأبه في السفر.. أهـ. ولنا وقفة أخرى مع جانب من سفره بإذن الله.
جمال ذي الأرض كانوا في الحياة وهم


بعد الممات جمال الكتب والسير

وإذا أردنا الوقوف مع هذا الإمام في هذا الجزء من حياته لوجدنا الكثير من الفوائد والآداب والأخلاق والجد والمثابرة، وهذا في سفره العام أما في سفره للحج ورمضان فلا يكاد يوصف من الجد والبذل فلنستق منها الدروس والعبر، اللهم فاغفر له وارحمه وارفع درجته في المهديين، واجعله مع النبيين والصديقين.
ونسألك اللهم الهمة العالية، والعزيمة الماضية، والنفس الصادقة، والنية الخالصة، واغتنام الأوقات، والثبات حتى الممات.
إن قلّّ نفعـك في أرض حللت بها


سـافر لتدرك قصـداً أم ترى أملا

فالبيض لو لازمت أغمادها تلفت


والشمس لو لم تسر ما حلت الحملا

* * *
وإذا رأيت الـرزق ضـاق ببلدة

وخشيت فيهـا أن يضيق المكسب

فارحل فأرض الله واسعـة الفضا

طـولاً وعرضـاً شرقها والمغرب

وجماع ذلك:
تغرب عن الأوطان تكتسب العلى
العلى


وسافر ففي الأسفار خمس فوائد

تفــرج هـم واكتساب معيشة



وعلـم وآداب وصحبـة ماجد

فإن قيـل: في الأسفار ذل وخسة

وقطع الفيافي وارتكـاب الشدائد

فمـوت الفتى خير لـه من حياته

بـدار هـوان بين واش وحاسد

ولكن ظهرت فئة أفراداً وجماعات أرادوا أن يركبوا السفر لغير ذاك.
لقد فسد وأفسد من ظن السفر للسياحة في الأرض لهواً وفساداً وخروجاً عن أوامر رب العباد.!!
لقد ضل وأضل من ظن السفر للسياحة في الأرض تبرجاً وسفوراً وغناء ومزامير.!!
لقد زل وأزل من ظن السفر للسياحة في الأرض حرية لا تخضع لشرع أو نظام.!!
إن الأمة المسلمة المؤمنة تريد سياحة للهو المباح المنضبط بأوامر الشرع.
تريد سياحة تكسب الثقافة والمعرفة.
تريد سياحة تكسب النفس الطمأنينة والراحة، ورضا الرب .
تريد سياحة تكسب الجيل والشباب الانضباط والأخلاق والآداب، لا التمرد والتسيب والضياع.
ولقد ظهرت بوادر رائعة رائدة متميزة نافعة جادة في أنشطة ومخيمات لمشاريع سياحية يتخللها الجانب التوجيهي والترفيهي والدعوي في قدرة على التكيف مع جميع الفئات والأحوال وفق الضوابط الشرعية، وهذا ما أغاظ البعض حينما رموها بالاتهامات الكاذبة وقد أظهرت الألسن ما أخفته القلوب في قالب ظاهره الرحمة وباطنه العذاب.
يُرى ناصحاً فيما بدا فإذا خلا



فذلك سكين على الحلق حاذق

فيا أبطال أمتنا: واصلوا المسير دون عجز أو كلل أو ملل بل في قوة وهمة وصبر وثبات، في وحدة وائتلاف والبعد البعد عن الخلاف فهو شر وهلاك وتعطيل وخسران، وضياع للجهود وفتح فرص للأطراف الأخرى لنشر الإرهاب بجميع صوره، وأطيافه فالميدان ميدان تنافس وكل حزب بما لديهم فرحون.
والحـق ممتحـن ومنصور فـلا



تجزع فهـذي سنـة الرحمن

إن ذلك الإقبال على تلك المشاريع السياحية النقية من المحرمات من الصغير والكبير، والرئيس والمرؤوس، والوزير والأمير، والعالم والقاضي لهي أكبر دليل على نجاحها وصلاح المجتمع وإقباله على الفضيلة، وكراهته للرذيلة، وبراءتها من الإرهاب وأهله، بل عالجت الإرهاب بجميع صوره وأشكاله فكري وأخلاقي واجتماعي وأُسري، والواقع خير شاهد ولا ينكر المحسوس إلا مكابر أو ممسوس فكانت بداية مشرقة لقوافل التائبين وحين الاتهام البينة على المدعي والحكم على الشيء فرع عن تصوره ولو يعطى الناس بدعواهم لا ادعى أناس دماء آخرين وأموالهم ولكن البينة على المدعي، والتثبت التثبت قبل إصدار الأحكام يا أولي الألباب.
إن المشاركين بالتوجيه في تلك البرامج والمخيمات هم كبار العلماء والقضاة والدعاة وأساتذة الجامعات وأعضاء مجلس الشورى أيكون هؤلاء دعاة للإرهاب!؟ فجزى الله كل مسئول وكل مشارك وحاضر ومحفز ومؤيد وناصر ومشرف وموجه وداعم وعامل وباذل خير الجزاء والإحسان، ولهم منا ومن كل مسلم ومسلمة تحية إجلال وإكبار وشكر وتقدير ودعاء ووفاء.
ودعوتي ونصيحتي لدعاة الغناء والسياحة المحرمة ألا يكونوا دعاة على أبواب جهنم بل يكونوا دعاة على أبواب الجنة والموعد الله ولا يهووا بأخلاق الأمة إلى الحضيض ويركبوا بها مركب الضياع، وعلى الأمة وخاصة الشباب هجر تلك المواطن ومقاطعتها، وعلى العلماء وأصحاب الكلمة نصح القائمين عليها وألا يشذ أصحابها على ما قامت به هذه البلاد والولاة على الشريعة الغراء والمحجة البيضاء وإلى الله المشتكى.
تنبيهات قبل البدء بالسفر:
* حاول أن تحدد أهداف الرحلة و السفر الأساسية والجانبية ووضع خطة لذلك.
* حاول أن تكتب كل ما تحتاج حمله في سفرك من أغراض وكتب وبحوث وصور معاملات فقد ينشرح صدرك وتجد حلاً لما أشكل فيها وتجهزها قبل السفر بزمن فقد تنسى بعض المستلزمات إذا كان إعدادك متأخراً فيختل كثير من برنامجك وقد تضطر للرجوع في منتصف الطريق أو قطع السفر.
* حاول أن تجتمع بأفراد عائلتك أو من يريد السفر معك للاتفاق لتوزيع المهام، وكتابة ما يحتاج، وخطة السير، وحاول أن تتفقد سيارتك.
* حاول أن تتصل بمن تريد زيارتهم في سفرك وتحدد مواعيد الزيارة ولذلك فوائد كثيرة لا يسع المقام ذكرها.
وبعد هذه المقدمة حان البدء للشروع في الأحكام.
أولاً: الضابط في السفر الذي يترخص فيه: كل ما أعده الناس سفراً فهو سفر، سواء طالت المسافة أم قصرت، طال الوقت أم قصر والعبرة في ذلك العرف العام، والغالب عند الناس وتقييده بالزمن أو العمل أو المسافة قول ضعفه المحققون من أهل العلم كابن قدامه وابن تيمية وابن القيم والسعدي وابن عثيمين رحمهم الله، وهذا يشمل البر والبحر وذلك لعدم الدليل على التحديد، وكل ما ورد في ذلك فهو إما حديث ضعيف أو غير صريح في التحديد، وإنما كان موافقة من النبي عليه الصلاة والسلام ولم يقصد التحديد بالزمن أو المسافة ولأن الناس ليسوا كلهم يدركون مقدار المسافات ولأن أدلة السفر مطلقة في الترخص، لم تقيده بأي قيد قال تعالى:             .( )
مسألة: إذا شك الإنسان في المسافة التي تجاوزها، هل تعتبر مسافة سفر عرفاً وهل يعتبر بها مسافراً أو مقيماً؟ فيقال: يعتبر مقيماً، فلا يترخص لا بقصر ولا فطر ولا غيره احتياطاً وبراءة للذمة والاحتياط في مسائل الشك من تمام الديانة والأصل أن الإنسان مقيم فيستصحب الحال الأصلية له وهي الإقامة ورجحه الشيخ ابن عثيمين ~( ).
ثانياً: بداية أحكام السفر: إذا فارق الإنسان بنيان بلده ترخص، وإذا ولي البنيان مزارع وبساتين لا يسكنها أهلها طوال العام فلا عبرة بها لأن العبرة بما أعد للسكن، وأما التي تسكن في بعض الأحيان وكذا البيوت الخربة فلا يشترط مجاوزتها لأنه لا عبرة بها، فالترخص يكون بمجاوزة البنيان المسكون طيلة العام، وأما المصانع والشركات فإنه لا يعتد بها إلا إذا وجد فيها مقر سكن للعمال وغيرهم، والمقصود بالبنيان الظاهر والواضح على الطريق أما لو كان مخفياً مثلاً وراء الجبال وليس محاذياً للطريق فلا عبرة به وكل ما ينسب للبلد فهو منه. قال الشيخ ابن عثيمين ~: والعبرة بالمفارقة البدنية ـ للبنيان ـ لا البصرية أي لا يشترط في المفارقة ألا ترى المنازل بل تكفي المفارقة بالبدن( )، وورد في البخاري خرج علي  فقصر الصلاة وهو يرى البيوت فلما رجع قيل له هذه الكوفة قال: لا، حتى ندخلها، قال ابن حجر: وعند البيهقي: (حتى إذا رجعنا ونظرنا إلى الكوفة حضرت الصلاة قالوا يا أمير المؤمنين هذه الكوفة أتم الصلاة قال: لا، حتى ندخلها) فتح الباري 2/663.
* مسائل في تقطع البنيان وتجاور البلدان:
الأولى: إذا كان البنيان كله تابع للبلد وينسب له، فإذا كان الانقطاع بين البنيان يسيراً أو كبيراً فإن الترخص يبدأ بمفارقة آخر بنيان للبلد لأن الحكم للخروج من البلد وهذا ظاهر فعل الرسول  وصحابته.
الثانية: إذا كانت البلد بجوارها بلداً آخر سواء كانت متصلة بها أو كان الانقطاع بينهما يسيراً فيكون الترخص من مفارقته مدينته ورجحه الإمام النووي والشيخ ابن عثيمين رحمهم الله.( )
ثالثاً: أقسام الناس من حيث الاستيطان والسفر والإقامة.
أ‌- استيطان الإنسان بلده الأصلي فمثلاً الرسول  وطنه الأصلي مكة وسكنها في بداية حياته.
حكمه: إذا خرج منه وفي نيته العودة إليه ولم يتخذ وطناً غيره فإن حكمه حكم المسافر.
ب‌- استيطان الإنسان بلدًا غير بلده الأصلي واتخاذه بلدًا له وليس من قصده الارتحال عنه فمثلاً الرسول  هاجر من مكة إلى المدينة واتخذ المدينة وطناً له.
حكمه: حكم وطنه الأصلي فإذا خرج منه كان مسافراً، فإذا رجع لوطنه الأصلي للزيارة وغيرها، وليس قصده الاستيطان فيه فحكمه حكم المسافر كالرسول  عندما خرج من مكة واستوطن المدينة إذا رجع إلى مكة كان مسافراً.
ح ـ من سافر بلداً ونوى الإقامة به مطلقاً فهذا حكمه حكم المستوطن.
د ـ مسافر أجبر على الإقامة يقصر الصلاة كالأسير وغيره.
هـ ـ المسافر على الطريق وهذا يقصر الصلاة اتفاقاً.
و ـ إذا دخل المسافر بلده ولو ليوم واحد لحاجة أو مرور ثم أراد السفر مرة أخرى فإنه يتم لأنه دخل بلده.
ز ـ أصحاب السفر الدائم كسائقي سيارات الأجرة وملاحي الطائرات والسفن:
1- إن كان معهم أهلهم في تنقلهم فتعتبر مراكبهم أوطانهم، فلا يترخصون بأحكام السفر لأنهم غير مسافرين.
2- إن كان لهم أهل ولكنهم لا يحملونهم فلهم الترخص بأحكام السفر فيقصرون الصلاة وأما صيام رمضان إن كان يشق عليهم أثناء السفر فإنهم يفطرونه ويقضونه في أيام الشتاء لأنها أيام قصيرة وباردة، وأما إذا قدموا بلدهم في رمضان فإنه يلزمهم الصوم ورجحه الشيخ ابن عثيمين ~.( )
ح ـ إذا سافر الإنسان وفي الطريق أراد الرجوع إلى بلده لحاجة وغيرها فإنه يقصر ما لم يدخل البلد.( )
ط ـ من سافر لبلد للعمل أو الدراسة وغيرها سواء مقيد سفره بزمن أو عمل فهذه محل خلاف قيل حكمه حكم المسافر في قصر الصلاة إلا إذا ائتم بمتم، وعليه حضور الجماعة في المسجد، وله المسح على الخفين، والجمع عند المشقة، والصوم في حقه أفضل إن لم يشق عليه، ولا ينبغي أن يؤخر القضاء إلى رمضان آخر لأن ذلك يوجب تراكم الشهور فيثقل القضاء عليه أو يعجز عنه ورجحه شيخ الإسلام وابن القيم وابن سعدي وابن عثيمين ـ رحمهم الله ـ والدليل أن الإقامة غير محددة في الشرع لا بزمن ولا عمل وما ورد فيها إما دليل صريح غير صحيح أو صحيح غير صريح، والناس في الشرع إما مسافر أو مستوطن( ) وقيل إن نوى إقامة أربعة أيام فأكثر فيتم ورجحه ابن باز قال: وهو الأحوط وهذه المسألة من المسائل الكبار.
ي ـ إذا سافر الإنسان إلى بلد وأقام فيها لحاجة لا يدري متى تنقضي جاز له القصر والترخص بأحكام السفر، سواء طالت المدة أم قصرت بل حكى شيخ الإسلام ~ الاتفاق على ذلك ورجحه الشيخان ـ رحمهم الله ـ.( )
ك ـ من له دار في وطنه الأصلي ودار في البلد الذي انتقل إليه وتأهل واستقر فيه إذا انتقل إلى وطنه الأصلي للإقامة في الإجازات والأعياد وغيرها فإنه يقصر لأنه يعتبر مسافراً وتملك الدار ليس موجباً للإتمام على الصحيح كما هو مذهب الجمهور( ).
ل ـ إذا استقر الإنسان في بلد وعزم على الإقامة فيه ثم رجع إلى وطن والديه لزيارتهما وغير ذلك فإنه يترخص بأحكام السفر في مقر إقامة والديه ورجحه الشيخ ابن عثيمين ~ ( ).
م ـ من سافر مسافة تعتبر سفراً ولو ليوم واحد ثم رجع إلى بلده فإنه يقصر مادام يعد مسافرًا عرفًا كمن سافر من الرياض إلى مكة ورجع من يومه ورجحه الشيخان ـ رحمهم الله ـ وورد عند ابن أبي شيبة في مصنفه عن علي  أنه خرج إلى النخيلة فصلى بها الظهر والعصر ركعتين ثم رجع من يومه، فقال: أردت أن أعلمكم سنة نبيكم ( ).
ن ـ من يتردد يومياً مسافة قصر كبعض العاملين والمدرسين والدارسين لا يقصر ويجوز الجمع عند المشقة بلا قصر لحديث ابن عباس : (أن الرسول جمع بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء من غير خوف ولا مطر فسئل ابن عباس عن ذلك فقال: أراد ألا يحرج أمته) رواه مسلم، وفي رواية له: (ولا سفر) والجمع أخف من القصر ورجحه الشيخ ابن عثيمين ~ احتياطاً وبراءة للذمة( ) وقال ابن باز: له القصر في مكان عمله وفي الطريق وأما إذا وصل بلده فلا يقصر( كتاب لقاءاتي مع الشيخين للطيار 1/101).
س ـ من يقطع مسافة قصر للعمل أو الدراسة ويجلس أيام الدوام والعمل ثم يرجع إلى بلده في عطلة الأسبوع فإنه يقصر في بلد العمل لكن يجب عليه حضور الجماعة في المسجد ويتم إذا رجع إلى بلد إقامته ووطنه الأصلي ورجحه الشيخ ابن عثيمين ~( ).
رابعاً: الآداب.
* حكم استئذان الوالدين في السفر له حالات:
1- السفر للحج الواجب محل خلاف وسببه هل الحج على الفور أو التراخي؟ والصحيح أنه لا تجب طاعتهما لو منعاه لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ولأن الحج واجب على الفور على الصحيح، أما النافلة فيجب طاعتهما لو منعاه لأن طاعتهما واجبة وهنا نافلة.
2- السفر للعلم الواجب ولا يوجد تحصيله في بلده فلا يجب طاعتهما حين المنع، وأما النافلة والفرض الكفائي إن كان لا يوجد في بلده أو ممن تحتاجه الأمة لتعلمه وقدرته ونبوغه على تحصيله فلا يشترط إذنهما لقوله تعالى:                   ( ).
3- السفر للتجارة: إن كان لدفع حاجات نفسه أو أهله بحيث لو تركه تأذى بتركه كان له مخالفتهما للحديث المشهور: (لا ضرر ولا ضرار) رواه أحمد وابن ماجة وصححه الألباني في غاية المرام، وإن أراد به تكثراً فلابد من الإذن.
4- السفر للجهاد: إذا توفرت شروط الجهاد في البلد الذي وقع فيه القتال وقرر العلماء ذلك فإنه لابد من الإذن نص حديث رسول الله عليه الصلاة والسلام: (جاء رجل إلى رسول الله  فاستأذنه في الجهاد فقال أحي والداك؟ قال نعم قال ففيهما فجاهد) رواه البخاري وعند أبي داود ( ارجع فاستأذنهما فإن أذنا لك فجاهد وإلا فبرهما ) قال ابن حجر قال جمهور العلماء يحرم الجهاد إذا منع الأبوان أو أحدهما بشرط أن يكونا مسلمين لأن برهما فرض عين والجهاد فرض كفاية..أهـ. الفتح 6/163ورجحه الشيخان، والمسألة هنا لها تفريعات مظانها في كتب أهل العلم ـ رحمهم الله ـ.
5- السفر المباح: يشترط إذنهما. وهذا التقسيم ذكره جمع من العلماء كابن حجر والقرافي والطرطوشي وابن علان وابن الشاط( ).
وذهب شيخ الإسلام ابن تيمية وتبعه ابن عثيمين الذي يعد امتداداً لمدرسة شيخ الإسلام إلى أن الضابط في ذلك يعود إلى المنفعة والضرر وحاصل كلامهم وتخريجاً عليه لا يخلو من حالات:
أ- إذا كان في سفره منفعة له ولا ضرر عليهما فلا يشترط إذنهما.
ب- إذا كان في سفره منفعة وفيه ضرر عليهما فيشترط الإذن.
ج- إذا كان في عدم سفره ضرر عليه وفي سفره ضرر عليهما فلا يخلو من أحوال:
- إذا كان ضرره أعظم فلا يشترط إذنهما وإذا كان ضررهما أعظم فلابد من إذنهما.
- إذا تساوى الضرران فيراعي كل مسألة بحسبها. ولا شك أن البر والعقوق درجات ( الممتع 8/16، الآداب الشرعية لابن مفلح 1/464).
* سئل شيخ الإسلام عن سفر من له أولاد:
أجاب: أما سفر صاحب العيال فإن كان السفر يضر بعياله لم يسافر لقول الرسول : (كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يقوت) رواه أبوداود، وسواء كان تضررهم لقلة النفقة أو لضعفهم وسفر مثل هذا حرام، وإن كانوا لا يتضررون بل يتألمون وتنقص أحوالهم فإن لم يكن في السفر فائدة جسيمة تربو على ثواب مقامه عندهم كعلم يخاف فواته وشيخ يتعين الاجتماع به وإلا فمقامه عندهم أفضل، وهذا لعمري إذا صحت نيته في السفر كان مشروعاً.
وأما إن كان كسفر كثير من الناس إنما يسافر قلقًا وتزجية للوقت فهذا مقامه يعبد الله في بيته خير بكل حال ويحتاج صاحب هذه الحال أن يستشير في خاصة نفسه رجلاً عالماً بحاله وبما يصلحه مأمونا على ذلك فإن أحوال الناس تختلف في مثل هذا اختلافاً متبايناً. ( الفتاوى 28/28)
وعن الخلال قال: سمعت أبا عبد الله أي الإمام أحمد عن حديث: (كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت) قال الرجل يكون له قرابة فيسافر ويتركهم فإذا تركهم وحدهم أليس يضيعون وليس لهم أحد إلا هو؟ قلت نعم. قال: هذا معناه وسئل أخرى عن رجل خرج للكوفة ومن ثم سيذهب للحج وقد حج وخلف عيالاً يخشى أن يضيعوا فذكر الحديث..وفي رواية: (كفى بالمرء إثما أن يضيع من يعول) رواه النسائي وابن حبان والحاكم، (الحث على التجارة والصناعة للخلال1/80).
* يستحب للمسافر أن يكتب وصيته قبل سفره وإن كانت عليه حقوق فيجب ذلك لحديث ابن عمر في وجوب كتابة الوصية المشهور لمن له أو عليه حق في صحيح مسلم ولأن التعرض للآفات في السفر أكثر مما هو في الحضر.
* يستحب أن يودع أهله ومشايخه وأصحابه: ورد في الحديث عن أبي هريرة  قال: ( فأتينا رسول الله  نودعه حين أردنا الخروج ) رواه البخاري، قال ابن حجر: "وفيه مشروعية توديع المسافر لأكابر أهل بلده وتوديع أصحابه له" وهو نوع من الوفاء ويشتكي الكثير من أزمة الوفاء في هذه الأزمان ( الفتح 6/175).
* يستحب توديع المسافر أهله وأصحابه: بقوله: (أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه)( ) ويردون عليه: (نستودع الله دينك وأمانتك وخواتيم أعمالك)( ) ويقال كذلك: (زودك الله التقوى وغفر ذنبك ويسر لك الخير حيث كنت) وكلها صحيحة( ). والحكمة من قولهم نستودع الله دينك..: لأن السفر مظنة للتقصير والتساهل في أمور الدين بسبب المشقة، وعدم الرقيب من البشر، والبعد عنهم فكان الدعاء بذلك مناسباً للحال( ).
- قال ابن عبد البر: إذا خرج أحدكم إلى سفر فليودع أخوانه فإن الله جاعل في دعائهم بركة (الآداب الشرعية لابن مفلح 1/450).
* يستحب السفر يوم الخميس: لحديث: ( أن رسول  كان يحب أن يخرج يوم الخميس) رواه البخاري، ويجوز السفر في سائر الأيام عدا الجمعة ويأتي التفصيل فيه، ولا يجوز التشاؤم من السفر في أي يوم من الأيام فإذا عزم الإنسان على السفر في أي وقت فليفعل.
فرع: عن علي  قال: ( لا تسافروا في المحاق ) المحاق: اليوم التاسع والعشرين والثلاثين. وأنكر ابن حجر ذلك ونسبته لعلي  (لسان الميزان 4/324عمدة القاري 14/218).
* يستحب عند خروجه من منزله أن يصلي ركعتين: لقوله : (ما خلَّف أحد عند أهله أفضل من ركعتين يركعهما حين يريد سفراً)( )حديث حسن وورد ذلك عن ابن عمر وعلي { ورجحه ابن حجر (شرح الأذكار لابن علان 3/107).
خطأ: يظن البعض أنه يستحب التصدق قبل الخروج إلى السفر وهذا ليس عليه دليل.
خطأ: يقرأ بعض الناس عند توديع المسافر سورة الفاتحة وهذه من البدع التي ليس عليها دليل.
* من السنة وضع مسئول لميزانية السفر: ورد في الحديث (إذا اجتمع القوم في السفر فليجمعوا نفقاتهم عند أحدهم فإنه أطيب لنفوسهم وأحسن لأخلاقهم) رواه الحكيم الترمذي في نوادر الأصول.
قال ابن عبد البر: "وهو سنة" ولاشك أن في ذلك رفع للحرج والكلفة والمنة واستمرار الألفة ( الاستذكار 8/372).
• النهي عن أن تصحب الرفقة كلب أو جرس: لحديث (لا تصحب الملائكة رفقة فيها كلب أو جرس) رواه مسلم، قيد بعض أهل العلم هذا بما علق على البهيمة ولا دليل على التقييد بل الرواية مطلقة والأخرى تدل على العموم ( الجرس مزامير الشياطين ) رواها مسلم.
* هل نخرج على ذلك مسألة الجرس في السيارة جرس السرعة أو الباب فتدخل في النهي؟ نعم تدخل ولكن يقال بالجواز للحاجة والمصلحة ودرء المفسدة، وعند الفقهاء الكراهة تزول عند الحاجة وأما إذا كان لغير حاجة فيكره. وهل النهي للكراهة أم التحريم؟ محل خلاف.
قال أبو عمرو ابن الصلاح: "فإن وقع شيء من ذلك من جهة غيره فليقل: اللهم إني أبرأ إليك مما صنع هؤلاء فلا تحرمني ثمرة صحبة ملائكتك وبركتهم" وهذا لا يقال على وجه التوقيف والنص الشرعي (المجموع 4/19). ولا شك أعظم من ذلك الموسيقى والغناء وورد عند أبي داود والطبراني: (لا تصحب الملائكة رفقة فيها جلد نمر) وحسنه الألباني في الجامع برقم 7344.
قال في عون المعبود: يكره اتخاذ جلود النمور واستصحابها في السفر.. وورد عند النسائي وأحمد برواية (الجلجل) وصححه الألباني في الجامع برقم 7343، والمراد الجرس الصغير.
- الحكمة من النهي: عدم إيذاء الملائكة والمراد بهم ملائكة الاستغفار والرحمة لا الحفظة.
- حمل الكلب في الرفقة للحراسة جائز لحديث مسلم(إلا كلب ماشية أوصيد أو زرع) وما عداه لا يجوز.
- لو سافر لوحده ومعه كلب شمله الحكم كذلك لأن القيد بالرفقة أغلبي ولقد شاهدنا من المسلمين من يقلد الكافرين فيصحب كلبه معه في سفره مباهاة وتقليدًا للكفار وقد جمع السوءتين والله المستعان ( فيض القدير 6/405، الديباج شرح مسلم 5/153،عون المعبود 11/26، فتح الباري 6/142).
* طرفة: قال ابن أبي حاتم سمعت أبي يقول لأبي زرعة: حفظ الله أخانا صالح بن محمد لا يزال يضحكنا شاهداً وغائباً، كتب إلي يذكر أنه مات محمد بن يحي الهذلي وجلس للتحديث شيخ يعرف بمحمس فحدث أن الرسول قال: يا أبا عمير ما فعل البعير ولا تصحب الملائكة رفقة فيها خرس فأحسن الله عزاكم في الماضي وآجركم في الباقي. حيث حدث تصحيف النغير والخرس (معرفة علوم الحديث 1/146).
* التأمير في السفر وتحته مسائل:
هذا المبحث لم أجد أحداً من أهل العلم أفرده بالكلام أو تكلم عنه حسب بحثي وجهدي القاصر وغاية ما وجدت حكمه وإشارات يسيرة جداً وهي مسألة الناس فيها بين إفراط وتفريط وإحياء هذه السنة هو نتيجة لما يشاهده العالم الإسلامي من إقبال الجميع على الدين والشباب على العلم وتطبيق السنة.
* حكمه: محل خلاف قيل بالوجوب ورجحه شيخ الإسلام ابن تيمية والغزالي وابن عثيمين لحديث: (لا يحل لثلاثة يكونون بفلاة من الأرض إلا أمروا أحدهم) رواه أحمد، وقوله ـ عليه الصلاة والسلام ـ: ( إذا خرج ثلاثة في سفر فليؤمروا أحدهم ) رواه أبو داود والبزار والطبراني وأبوداود وابن خزيمة والبيهقي وصححه الحاكم والشوكاني والألباني، وفي رواية له قال: نافع فقلنا لأبي سلمة فأنت أميرنا ) وانظر إلى سرعة امتثال الصحابة وحرصهم على التطبيق وقيل بالاستحباب. ورجحه النووي في مجموعه وقال ابن باز يشرع ذلك.
قال شيخ الإسلام لما ذكر الأدلة السابقة والولاية العامة: ولهذا كانت الولاية لمن يتخذها ديناً يتقرب به إلى الله ويفعل فيها الواجب بحسب الإمكان من أفضل الأعمال الصالحة. ( الجامع رقم 500، نيل الأوطار 8/709 الفتاوى 28/390،65، الإحياء 2/337، خطب ابن عثيمين في موقعه على الانترنت ).
* صفاته: أن يكون أعلمهم وأحكمهم، وأن يكون ذكراً لا أنثى، لحديث: ( لا يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة ) رواه البخاري. وهذا لفظ عام في الولاية يندرج تحتها جميع أفراد العموم.
* فائدة التأمير: ليسلم الركب من التشتت والفوضى والاختلاف، وأن يقودهم الأمير لما فيه الخير والصلاح والنفع لهم وترتيب أمرهم.
لا يصلح الناس فوضى لا سراة لهم

ولا سراة لهم إذا جهالهم سادوا


وهذا يدلنا على أن الإسلام دين تنظيم لا كما يزعم الغرب بأن إسلامنا فوضى.
* طريقة التأمير: حين التأمل في الحديث المذكور الظاهر من قوله: ( فليؤمروا ) وفعل نافع المتقدم أن التأمير يكون بالشورى والاختيار.
* بداية التأمير ونهايته: تكون من بداية السفر حتى نهايته لأنه مرتبط بالسفر والحكم يدور مع علته وجوداً وعدماً.
* شروط التأمير:
1- أن يكونوا في سفر للحديث ولا إمارة في المدن والقرى لأن لها أمير خاص بها من قبل ولي الأمر ولا يجوز التأمير في الحضر.
2- أن يكونوا ثلاثة فما فوق لمفهوم الحديث قال الشوكاني: يشرع لكل عدد بلغ ثلاثة فصاعدًا أن يؤمروا عليهم أحدهم. أهـ
والأمر شورى بين الاثنين وورد من فعل بعض السلف التأمير بين الاثنين.
* حكم طاعته: واجبة وإذا لم نقل بذلك لم يكن هناك فائدة من تأميره (شرح الأربعين النووية لابن عثيمين124،280)، ولعموم أدلة طاعة الأمير.
* ما هو الأمر الذي تجب طاعته فيه؟:
قال ابن عثيمين: تجب طاعته في ما يتعلق بأمور السفر كإصلاح الطعام والنزول في مكان معين وغيره لا في كل شيء إلا أن الشيء الذي لا يتعلق بأمور السفر لا تجوز منابذته فيه أهـ. (المصدر السابق) والظاهر أن الولايات الخاصة ضابطها العرف كما قال شيخ الإسلام: عموم الولايات وخصوصها وما يستفيده المتولي بالولاية يتلقى من الأحوال والألفاظ والعرف وليس لذلك حد في الشرع( )..أ.هـ وأما يفعله ويفهمه البعض له الطاعة المطلقة في المباحات والعبادات فليس بصحيح وطاعته تكون في المعروف، وأما أن يشق عليهم ويضرهم بما لا يطيقون فلا يجوز، ورد عن علي قال: (بعث النبي  سرية فاستعمل عليهم رجلاً من الأنصار وأمرهم أن يطيعوه فغضب وقال: أليس أمركم النبي بطاعتي قالوا: بلى. قال: فاجمعوا لي حطباً فقال: أوقدوا ناراً، فأوقدوها فقال: ادخلوها فهموا وجعل بعضهم يمسك بعضاً، يقولون فررنا إلى النبي من النار فما زالوا حتى خمدت النار فسكن غضبه فبلغ ذلك النبي فقال: لو دخلوها ما خرجوا منها إلى يوم القيامة الطاعة في المعروف) رواه البخاري، وعند مسلم (وأمرهم أن يسمعوا له ويطيعوا فأغضبوه في شيء...).
وهذا وهو أي الأمير هنا ولاه الرسول  فهو نائبه وفي أمر جهاد وأنكر الرسول  ذلك الأمر عليه وعليهم فكيف بأمير السفر!؟ فيظن البعض أن أمير السفر له أن يأمرهم وينهاهم ويعاقبهم مطلقاً وتنسحب عليه صلاحيات صاحب الإمامة العظمى كأمير البلد ونحوه والله المستعان.
- لو اختلف الأمير مع الركب أو بعضهم بخصوص القبلة ليس لهم أن يطيعوه لأنه لا طاعة له هنا ولأن كلاً منهما يعتقد خلاف الآخر فلا يجوز أن يعمل بخلاف ما يعتقد وكذا سائر العبادات الفرض منها والنافلة.
- أيهم أحق بالإمامة في الصلاة الأمير أم الأقرأ؟
الظاهر الأقرأ قرآنا لحديث: (إذا كان ثلاثة في سفر فليؤمهم أحدهم وأحقهم بالإمامة أقرؤهم) رواه ابن حبان وصححه الألباني في سلسلته برقم 3979.
* مسئولية الأمير:
• أن ينظر في مصلحة القوم في جميع شئون السفر وهذه وما بعدها مستقاة من عموم الأدلة والقواعد الشرعية.
• أن يكون متواضعاً مشاركًا لهم في الأعمال ورد في إحياء الغزالي: أن عبد الله المروزي صحبه أبوعلي الرباطي فقال: على أن تكون أنت الأمير أو أنا فقال: بل أنت فلم يزل يحمل الزاد لنفسه ولأبي علي على ظهره، فأمطرت السماء ذات ليلة فقام عبد الله طول الليل على رأس رفيقه وفي يده كساء يمنع عنه المطر فكلما قال له عبد الله لا تفعل يقول له: ألم تقل إن الإمارة مسلمة لي حتى قال أبو علي: وددت أني مت ولم أقل له أنت الأمير.
• أن يكون رفيقًا بهم وألا يشق عليهم.
• أن يشاورهم في الأمر لعموم أدلة الشورى وفضلها وفي مشاورتهم كسبهم وتطييب خاطرهم واكتشاف آرائهم وقدراتهم وتربية لهم على هذا الأمر العظيم، والوصول لأمثل الحلول في ما يحتاجون والقضاء على الفردية التي قتلت كثيرًا من الأمة وأعمالها.
رأي الجماعة لا تشقى البلاد به
• رغم الخلاف ورأي الفرد يشقيها


• أن يتفقد حوائجهم ويساعدهم ويحث الركب على مساعدتهم وبث روح الإيثار بينهم والتفرس في أصحاب الحاجات عن أبي سعيد الخدري قال: ( بينما نحن مع رسول الله  في سفر إذ جاء رجل على راحلته فجعل يصرف بصره يميناً وشمالاً فقال الرسول: من كان معه فضل ظهر فليعد به على من لا ظهر له ومن كان معه فضل زاد فليعد به على من لا زاد له ) رواه مسلم.
• أن يوزع المهام والأعمال بينهم وأن يتفقدهم حين الصعود والنزول وأن يكون آخر الركب صعوداً وسيراً أو يوكل من يقوم بذلك لحديث جابر: ( كان رسول الله  يتخلف في المسير فيزجي الضعيف ويردف ويدعو له ) رواه أبو داود قال النووي بإسناد حسن، وكان عمر الفاروق يفعله يزجي أي يسوق الضعيف.
قصـة:
مجموعة شباب كانوا في سفر فنزلوا للصلاة ثم رحلوا وبعد أن مشوا فترة من الزمن فقدوا أحد الأشخاص فوجده رجال الأمن فأخذوه مسرعين حتى أدركوا رفقته في الخط وهذا تفريط من أمير الركب وكان حينها لم توجد هواتف الجوال.
* أب من الآباء كان مسافراً من إحدى المدن راجعاً إلى بلده ليلاً ومعه أولاده جميعهم نائمون في السيارة فأوقف سيارته ونزل لقضاء حاجته على حافة الطريق فاستيقظ أحد الأبناء ونزل ليقضي حاجته وكان عمره سبع سنوات أو تزيد قليلاً فجاء الأب وركب السيارة وواصل سفره فلما وصل بلده فجأة لم يجد واحداً منهم جن جنونه أين يبحث عنه؟ سأل أخوانه عنه لم يعلموا عنه شيئاً، كان بينهم نائماً، اتصل على الشرطة فأبلغهم الخبر.
أما الابن لما قضى حاجته رجع ليركب السيارة فلم يجدها بحث يمنة ويسرة، نادى بأعلى صوته فلا مجيب، بدأ يؤشر بيده، لا أحد يسمع له أو يتوقف لأجله، فالظلام حالك والجسم صغير لا يرى، من يفكر بحمله يخاف على نفسه، بدأ يسير على قدميه هائماً على وجهه، لا يدري أين يذهب! سقط من شدة التعب والإعياء والبكاء فنام، فما استيقظ إلا على حر الشمس فجاء حينها من ينقذه ويوصله لرجال الأمن والله المستعان والقصص في هذا الباب كثيرة فليتفقد الركب بعضهم بعضاً.
• هل له أن يقيم حداً على من فعل موجباً للحد كالقذف والمسكر؟
ليس له ذلك لأن ذلك لصاحب الولاية العامة أو من ينيبه كالقضاة وغيرهم.
• هل له أن يؤدب من خالف أمره في ما يتعلق بأمر السفر؟
أطلت بحثا في هذه المسألة فلم أجد من ذكرها والتأديب نوعان:
1- بالقول: وهذا الأمر فيه مصلحة وسعة لكي ينتظم أمر السفر، ويدخل في عموم النصح والتوجيه والاحتساب، قال شيخ الإسلام: ( وجميع الولايات الإسلامية إنما مقصودها الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ).
2- بالفعل كالضرب وتكليفه ببعض الأعمال وغيرها: ذهب بعض المشايخ إلى أنه ليس له ذلك لأن التعزير والتأديب مرتبط بالإمام ومن ينيبه إلا إذا كان الأمير في السفر أباً أو معلماً فله ذلك من باب، أن للأب والمعلم تأديب من تحت يدهم وقد وجدت بعض من يكون أميراً في السفر يبالغ في تأديب من خالف أمره وهذا أمر مشكل جداً قد يؤدي إلى الضرر بالمربي وتنفيره من محاضن التربية والعلم وقال بعضهم يجوز التأديب بالمعروف وفي حدود المعقول والمعتاد وهذا ليس من باب الحكم وإنما من باب التأديب والتربية، وحكى الماوردي خلافاً في أمير الحج الذي قال فيه: وهو أحد الرعايا وليس من الولاة إن فعل أحد الحجيج ما يقتضي تعزيراً فإن كان مما لا يتعلق بالحج فليس له ذلك وإن كان مما يتعلق بالحج فله تعزيره زجراً وتأديباً.. وإمامة الحج في أيام الحج فقط قال هي ولاية بمنزلة الإمام في إقامة الصلوات أهـ. ويخرج على كلامه ولاية السفر والمسألة تحتاج مزيد بحث وتحرير والله أعلم وأحكم ( الأحكام السلطانية للماوردي 194).
• إذا أراد أحد الركب الانفصال عن الرفقة ونهاه الأمير هل يجوز له الانفصال؟
لم أجد من بحثها والجواب: أن يقال ينظر إذا كان من أراد الانفصال شخص بالغ عاقل لا يخشى
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://amarmechri.yoo7.com
 
أحكام السفر 1
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى قصبة بني يلمان :: المكتبة الاسلامية-
انتقل الى:  
الساعة الان بتوقيت الجزائر
Powered by amar mechri ® amarmechri.yoo7.com
جميع الحقوق محفوظة لمنتدى قصبة بني يلمان
حقوق الطبع والنشر©2011 - 2010
amarmechri.yoo7.com
المشاركات المنشورة بالمنتدى لاتعبر بالضرورة عن رأي إدارة المنتدى ولا تمثل إلا رأي أصحابها فقط